السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولى .
أهلاً وسهلاً بكم
واليوم نستكمل قصة قوم ثمود وقد توقفنا في الحلقة السابقة عند تحذير نبي الله صالح لقومه في قوله تعالى وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ﴿١٥١﴾ الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ " أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ " أي أن الالهه قد سحرتك " مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ " أي إن كنت صادق فآتي لنا بدليل ومعجزه تثبت بها أنك مؤيد من السماء . وقال العلماء أنهم هم الذين حددوا له المعجزة فقالوا له أخرج لنا من هذه الصخرة ناقه حمراء كثيفه الشعر . فدعا صالح ربه وأشار للصخره فإذا بالصخرة تهتز وتخرج منها ناقة ضخمه حمراء شعرها كثيف .
ولكن عندما شاهدوا الناقه قالوا لصالح لقد سحرتنا .
قال تعالى " وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً" أي آيه عظيمه " فظلموا بها" وقال تعالى " وَجَحَدُوا بِهَا" أي أنكروها " وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا " أي لم يؤمنوا بها تكبراً منهم فقال لهم صالح " هذه ناقة الله لها شِرب ولكم شرب يوم معلوم " أي اتركوها تشرب من البئر يوم ولكم يوم تشربوا فيه كما شئتم " ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم " .
فقال تعالى في موضع آخر "فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا"
ولكن قوم ثمود لم يمتثلوا لأمر نبيهم فاتفقوا على أن يقتلوا الناقة قال تعالى "كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا " أي بسبب طغيانهم
"إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا " وهو رجل من ثمود اسمه " قدار بن سالف "
وهو الذي اقترح وخطط لقتل الناقة .
قال تعالى " فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا " فقام " قدار بن سالف " فشرب الخمر حتى سكر .
قال تعالى " فتعاطى فعقر " أي تعاطى الخمر ثم عقر أي " ذبح " الناقة "فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا" أي أن الله عاقبهم بسبب ذنبهم " وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا " أي أن الله لا يخاف عواقب أفعاله.
فأرسل الله سيدنا جبريل فأخذ بقوائم المدينة وصاح فيهم صيحة واحدة . قال رب العالمين " إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ" أي أنهم كانوا كورق الشجر
" وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ .
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ " وهذه كانت نهاية قوم ثمود .
ثم ننتقل إلى قصة قوم لوط . والجميع يعلم معصيتهم المشهورة .
والله عز وجل لم يخلق الانسان به فطرة حب الشذوذ وإنما خلق الله الجميع الخلق على الفطرة السليمة فإما أن يحافظ عليها الانسان وإما أن يتبع هواه . حتى تنقلب هذه الفطرة فيرى الحق باطل والباطل حق . وكذلك قوم لوط لم يخلقهم الله شواذ إنما هم الذين أحبوا ذلك فغيروا فطرة الله التي فطر الناس عليها .
.
قوم لوط انتشرت فيهم هذه المعصية المشهورة ألا وهي الشذوذ بين الرجال والرجال والنساء والنساء . وهذه المعصية سميت بالشذوذ لأن الله عز وجل خلق الانسان وبه فطرة الميل ناحية الجنس الآخر. وأي انسان يمشي مع فطرته سيسعد في الدنيا والآخرة ولن يفعل أي أمر غريب لكن لو انسان خالف هذه الفطرة واتبع هواه فتبدأ هذه الفطرة تنتكس فيبدأ يفخر الانسان بالفعل الحرام .
لذلك عندما انتشر في قوم لوط الفاحشة بدأوا يقطعوا الطريق وبعد ذلك بدأ الرجال يتشبهوا بالنساء والنساء يتشبهوا بالرجال .
ثم بعد ذلك انتشر فيهم الشذوذ وهي معصية من ابشع واشنع المعاصي التى تغضب رب العالمين .
فأرسل الله سيدنا لوط لهم لتحذيرهم من هذه الفعله .
قال تعالى "وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ
قال تعالى على لسان لوط " أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم ۚ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ " .
أي أن هذا إعتداء منكم على الفطرة السليمة ولكم كان الجواب قوم لوط له . في قوله تعالى " فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ " كما حاولوا أن يطردوا لوط خارج القرية حتى لا يسمعوا كلامه مرة أخرى . قال تعالى " أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ " .
فأرسل الله الملائكة للوط تخبره بأن يخرج من القرية هو و أهله ومن آمن معه إلا إمرأته لأنها لم تكم مؤمنه بالله تعالى .
قال تعالى "إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ " أي يا لوط أخرج من هذه القرية وهؤلاء الرسل سيخبروك بأن الله سيرسل على قومك عذاب من عنده . قال تعالى "فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ" .ثم قال تعالى "إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ " وجاءت الملائكة في صورة رجال فعندما شاهدهم قوم لوط ذهبوا إليه . قال تعالى "وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُون
السَّيِّئَاتِ " فقال لهم لوط "هَٰؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ " ثم قال لهم
هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ "
ويقصد بنات المؤمنين لأن النبي هو أب لكل المؤمنين .
فخرج لوط من القرية وأرسل الله جبريل ووضع القرية على طرف جناحه وصعد بها إلى السماء الأولى حتى سمعت الملائكة عوي الكلاب – كما قال العلماء .
قال تعالى " جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا " ثم بعدما صعد بالقرية إلى السماء الأولى قام بإلقائها . على الأرض
قال تعالى "وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ " أي حجارة من نار " مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ ۖ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ " أي أن هذه الحجارة ما زالت موجودة ويمكن أن يرسلها الله على ناس أخرى .
لذلك قوم لوط لما انتشرت فيهم الفاحشة لم يستحقوا البقاء في آرض رب العالمين .
لذلك أوصي الجميع بالعفة والحياء.
جزاكم الله خير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته